أدّعى النسيان

أدعي النسيان


فتحت الباب فإذا بها واقفة أمامي , ثم تراجعت إلى الخلف قليلا عندما رأتني ,
وقفت انظر إليها محاولاً أن استجمع ذاكرتي ,
لأعرف من تكون ، سألت نفسي أين رأيت هذا الوجه , من تكون صاحبة هذه الملامح ،
هذه العيون وهذه النظرات أين رأيتها ،
تذكرت .. إنها ..
إنها من كنت أحب ،
عندما أدركت ذلك ارتجف جسدي ،
وخفق قلبي بشدة حتى كاد أن يتوقف ،
تلجم لساني ، تعثرت كلماتي ، وعجزت عن الكلام ،

نظَرَت إليَ وكأنها غاضبة مني ، عينيها تعاتبني ،
وكأنها تريد أن تسألني ..
لما لم تصارحني ؟ ، لما تأخرت ؟ ،
وكأنها تريد أن تقول لي :
هل أنت جبان ؟ حتى تخاف أن تعلن حبك لي ,
أم انك ضعيف لدرجة انك لا تقوي على تحمل أن ينظر لنا الناس ونحن معاً,
حاولت أن أتواري من لوم عينيها لي ،
لكني لم أجد منها ملاذ ،
فتظاهرت بالصمود ،
وادعيت النسيان ،

وصرخ قلبي فيها قائلاً أنتي من تأخر كثيراً ،
فكم شكت لي أعُيني أنكي ترفضين سماعها ،
ودقات قلبي هل لم تسمعيهاأيضاً ،
وهي تناديكي ،
تناجيكي ،
مولاتي ..
أنا مليكُكِ فأسريني من هذه الدنيا ، وحرريني في عالمِك ،
أنا خادمك فأمريني ،
جربيني ،
وإن أعلنت العصيان فاشنقيني ،
قاطعتني عينيها قائلة :
وكيف لي أن أسمعك ،
وأنت تعلن الكتمان ،
وأنت تأبي إلا النكران ،
كيف لي أن أفهمك وأنت تدعي النسيان ،
وإذا بنظراتها تخف حدتها ، وتلمع عينيها ،
وكأنها تمنع نفسها البكاء ،
فقال لها قلبي الآن تبكينَ ، وأنا قبلك قد بكيت ،
لكني الآن لا املك سوى الم من جرح قد تركت ِ ،
وليس لكي في عالمي مكان ولا قصر ولا زاد ولا بيت ،
فأديري الوجه عني فأنا لست بمُغرم فأنا للهوي قد خاصمت ،
مواثيق حبك مزقتها فأنا لقلبك قد عصيت ،
فارحلي عن عالمي وصدقيني إنني قد نسيت ،
فأعطتني ظهرها ونزلت على السلم ،
وأغلقت الباب خلفها ..
وبكيت ،
وكنت أظن أنني قد نسيت.......