حقيقي موضوع عجبني جدا وفيه فكره حلوه
إستيقظ مبكراً , ولكن ما فائدة الإستيقاظ , وهو يرقد فى السرير كالجثة الهامدة ,
دق الجرس كالعادة حتى يأتيه الخادم لكى يلبى طلباته , طال الإنتظار ولم يلبى الرجل النداء ,
مدد قدميه , ما هذا ؟ إنه يشعر بنشاط عجيب يدب فى جسده ,
تحرك ببطئ , إنه يتحرك بيسر وسهولة كشاب فى العشرين من عمرة ,
أنزل قدميه من الفراش ووضعهما على الارض , نهض بتروٍ , أنه يسير بصورة شبه طبيعية , سبحان من يحيى العظام وهى رميم ,
العجيب أنه سمع صوت الجرس الذى يدق فى الخارج , رغم أن سمعه قد ضعف منذ سنوات فلا يستمع إلا لمن يصيح بصوت عالٍ ,
والأعجب أنه يرى , وكان بصره قد غشيته غشاوة منذ فترة ,
سار فى الغرفة كأنه يتأكد بأن لديه القدرة على السير , فقد ظل حبيس الفراش لسنوات ,
نظر فى المرآة , الوجه كما هو , سنوات عمره التى تخطت الثمانين حفرت فيه أخاديد , وتركت بصماتها عليه ,
نادى على الخادم , صوته يخرج قوياً بعد أن كان همساً ,
أين ذهب هذا المأفون ؟ هل يكون قد ذهب فى حاجة ؟ ام أنه قد مّل خدمة رجل كسيح مثله ففر بجلده ؟
بحث عنه فلم يجده .. قرر أن يرتدى ملابسه وينزل إلى الشارع ,
ياله من خاطر مبهج , فهو لم ير الطريق منذ أن أصبح سجين الفراش ,
فتح صوان ملابسه , وقعت عيناه على تلك الحلة ( الشركستين ) , نظر إليها بشوق المحبين , لقد كانت أول حلة ثمينة يشتريها , وكم كان يعتز بها , ولهذا ظلت تتصدر صوان ملابسه دائماً , لقد إرتداها يوم زواجه , وفى أهم أيام حياته الماضية , حقاً أصبحت طراز منقرض , ولكنها ما زالت بحالتها لم يصيبها أى تلف , فقد كان دائم الحفاظ عليها ,
إرتدى تلك الحلة الشركستين , وبحث عن ساعته ذات الكتينة , ساعة ذهبية قد لا تقدر بثمن هذه الأيام , سعد كثيراً عندما وجدها مازالت تعمل بدقة ,
بحث عن نقود , لم يجد إلا القليل , وضعها فى جيبه , حمل عصاه ذات المقبض الذهبى , رفيقة أيام الشيخوخة .
قرر الخروج إلى لا هدف , ربما سار فى الطرقات , ربما جلس على أحد المقاهى , ربما فاجأ أحد أبنائه بالزيارة
شعر بطعنة تصيب قلبه عندما تذكر أبنائه , عادل , عزت , عماد , وإبنتيه , عفت وعايده . يالهم من قساة القلوب , لم يزره أحدهم منذ شهور , لم يحدثه أحد فى الهاتف , فما كان ليسمع أحدهم أو يقدر على الحديث معه ,
حاول قلب الأب يبحث عن مبرر لكل منهم يبرر عدم زيارتهم له , لقد تبدل الزمن , ونظر بحزن وألم إلى حلته الشركستين وساعته الذهبية وعصاته , لقد مر عليهم ما يزيد عن 50 عاماً , ولكنهم ما زالوا على حالتيهم , قال فى نفسه ( المعدن الأصيل لا يبدله الزمن )
خرج إلى الشارع , يسير الهوينى , فاجأه ضوء الشمس الساطع , أغشى عينيه اللتان لم تريا ضوء النهار منذ سنوات , أغمض عينه قليلاً , وفتحها رويداً رويداً , حتى إعتادت على الضوء المبهر ,
ما هذا ؟ يا الهول ؟ أين أنا ؟ أتلك هى القاهرة التى يعرفها ؟ أهذا هو الزمن الذى يحيا فيه ؟ أتلك هى ملامح العقد الأول من القرن الحادى والعشرين ؟
لابد أنه قد أصيب بلوثة عقلية ,
ولكن ما هذا أيضاً ؟ ماذا ترى عيناه ؟ أنه يرى كل شئ حوله بلونين فقط , هما الأبيض والأسود . ذلك اللون الباهت الزيتونى الذى تتصف به الصور القديمة .
وكأنه قد دخل فجأة فى فيلم من أفلام ما قبل سينما الألوان ,
يا ريت كل اللي يقراه يكتب في الرد الفكره اللي انا اقصدها من الموضوع