مفارقة ان يكرر التاريخ نفسه، بعناوينه الفرعية، على حلبات اكثر سباقات السيارات تعقيدا.
ففي الموسمين الماضيين (2008 و2009)، توج سائق انكليزي بطلا للعالم في سباقات سيارات فورمولا واحد (لويس هاميلتون ثم جنسون باتون) خلف مقود سيارة مزودة بمحرك مرسيدس (ماكلارين ثم بروان جي بي) حملت الرقم نفسه (22) في المناسبتين.
وحسم السائق الانكليزي في النسختين الاخيرتين من السلسلة صراعه المباشر مع منافس برازيلي (فيليبي ماسا ثم روبنز باريكيللو) باحتلاله المركز الخامس في سباق جائزة البرازيل الكبرى على حلبة انترلاغوس في ساو باولو (الجولة الاخيرة من بطولة 2008 والجولة قبل الاخيرة من بطولة 2009).
اما نسخة عام 2010 فلم تبدأ بمفارقة بقدر ما شابتها مفاجات بالجملة بينها على سبيل المثال لا الحصر عودة السائق الالماني الاسطورة ميكايل شوماخر، بطل العالم سبع مرات (رقم قياسي)، الى الحلبات بعد ابتعاده عنها بنهاية موسم 2006، وانتقال باتون، بطل العالم، من حظيرة براون جي بي الى حظيرة ماكلارين مرسيدس حيث سيزامل مواطنه هاميلتون.
وبعد بداية هادئة شابتها المجاملات بين السائقين الانكليزيين وتخللتها تصاريح مرتبكة لباتون عبر فيها عن خشيته من تفضيل الفريق البريطاني - الالماني لهاميلتون على حسابه، خرج الاخير ليشعل فتيل حرب محتمة مع ابن جلدته عندما كشف صراحة بأنه هو من اختار باتون للانضمام الى ماكلارين عقب رحيل الفنلندي هايكي كوفالاينن الذي لم يبلغ بتاتا مستوى الامال المعقودة عليه.
على صفحات الصحف، جرى تناقل اخبار وتقارير عدة تحدثت عن ان جون باتون، والد جنسون ومدير اعماله، كان خلف عملية انتقال نجله من براون جي بي الى ماكلارين، بيد ان الحقيقة تشير الى خلاف ذلك بناء على تصريح ناري لهاميلتون قال فيه: "انا من جاء بباتون الى الفريق. لقد اتصلت بمارتن (ويتمارش رئيس فريق ماكلارين) وسألت: ماذا عن باتون؟"، واضاف: "حصل هذا الاتصال قبل بدء المفاوضات مع جنسون. سألت ويتمارتش عما كان يحصل في حينه"، وتابع: "انه (باتون) افضل سائق في الوقت الراهن. فريقنا كان يبحث عن افضل سائق على الساحة. شخصيا، اردت افضل زميل ممكن بهدف احراز اكبر قدر من النقاط سويا في بطولة 2010. عندما يحرز (باتون) المركز الاول في السباق، يجب علي ان انهيه في المركز الثاني، والعكس صحيح، فعندما اتوج انا بطلا للسباق، عليه هو انهاؤه في المركز الثاني. لست قادرا على احراز لقب بطولة العالم للسائقين بمفردي".
وفي سياق ايجاد التوازن لحديثه، اضاف هاميلتون: "احتاج كسائق الى من يمنحني دعما اضافيا الا انه لا بد من الاعتراف بأنه سيصعب التغلب على باتون".
يبدو من خلال تصريح هاميلتون ان كلمته مسموعة جدا في اروقة ماكلارين وانه بطبيعة الحال السائق الاول في الفريق رغم ان سيارة باتون ستحمل الرقم 1 في النسخة المقبلة من بطولة العالم كونه حامل اللقب.
واظهر هاميلتون من خلال التصريح نفسه انه يمتلك ثقة مفرطة بالنفس، اراد من خلالها اما السيطرة مبكرا على باتون داخل اسوار ماكلارين، اما وضع مصلحة الفريق فوق اي اعتبارات شخصية بدليل طلب ضم جنسون، واما لاعتباره الاخير صيدا سهلا بالنسبة له على الحلبة.
القيمون على ماكلارين مرسيدس، بمعظمهم، يرون بأن هاميلتون قادر على انهاء منافسات الموسم 2010 متقدما بفارق كبير من النقاط على باتون، ويثقون بأنه سيجري الاعتماد على الاخير فقط لمنح الفريق مزيدا من النقاط تعزز حظوظه على جبهة بطولة العالم للصانعين.
من جانبه، يرى السائق الاسكتلندي السابق ديفيد كولتهارد ان صديقه باتون لن يتمكن من مجاراة هاميلتون في مطلع منافسات بطولة 2010. الجدير ذكره ان كولتهارد نفسه اصاب في توقعاته عندما استبعد امكان احتفاظ لويس بلقب البطولة في 2009، وقال: "اتوقع ان يكون لهاميلتون اليد الطولى على باتون مطلع الموسم، لكن فرصة الاخير تبقى قائمة كي يثبت انه سائق عظيم وانه استحق لقب بطل العالم في العام الماضي".