للنجوميه حسابات اخرى
عجيب أمر هؤلاء الفنانين.. يهللون للنظام الحاكم حتى ينالوا رضاه ولكن بمجرد أن يضعف ويسقط ينقلب الجميع عليه حتى أقرب المؤيدين له ويعلنون أن عهده كان مليئا بالفساد وأنه لا بد أن يرحل لأن الشعب مل من الفساد ويريد وجوهاً جديدة.
كانت بداية هذا الانقلاب المفاجئ عندما أحس معظم الفنانين أن النظام الحاكم يترنح. وكان أول الفنانين الذين انقلبوا على النظام هو الفنان عادل إمام؛ فبعد أن أعلن رفضه لمظاهرات الشباب وخوفه من أن تتحول البلد إلى فوضى مثل تونس ووصف المظاهرات بالعمل الغوغائي وأن مبارك زعيم عظيم حافظ على مصر طيلة 30 عاماً من الحروب، تراجع مرة أخرى بعد أن هاجمه الشباب على الفيس بوك مؤكداً أن التصريحات التي نسبت إليه مفبركة وأنه كان سعيداً بهذا الشباب الذي تظاهر في إطار سلمي بل إنه كان يتمنى أن يشارك معهم في المظاهرات لولا أن العمر تقدم به وأن جميع المطالب التي ينادي بها الشباب مشروعة ويجب على الدولة أن تستجيب لهم.
كذلك انقلب الفنان عزت العلايلي على النظام الحاكم رغم أنه كان قد التقى بالرئيس حسني مبارك مع وفد من الفنانين، فعندما اندلعت المظاهرات في 25 يناير رفض العلايلي أن يشارك فيها مؤكداً أن هذا اليوم هو عيد الشرطة ويجب أن يرد لهم الجميل في يوم عيدهم ولكن بعد أحداث 28 يناير وإتلاف العديد من المنشآت بدأ يغير رأيه ويعلن أن من حق هذا الشباب الذي عانى لسنوات طويلة أن يحصل على جميع حقوقه التي حرم منها لسنوات طويلة وأن هذا الشباب عليه ألا يستسلم أبداً مهما حدث كما أعلن أنه مع رحيل الرئيس مبارك ولكن بشرط عدم إهانته.
أما الفنان محمد ثروت -الذي كان يعد صوت النظام حيث كان يغني للرئيس كل عام في احتفالات أكتوبر- فقد انقلب على النظام هو الآخر قائلا «هذا الشباب حقق ما عجزنا نحن عن تحقيقه فأنا لم أصدق نفسي عندما شاهدت الشباب يفعل ذلك ويعبر عن رأيه»، ودعا ثروت إلى إنشاء حزب سياسي جديد يعتمد على الروح الإيجابية وحماسة الشباب الذين يشكلون غالبية السكان في المجتمع وأن تكون أغلبية كوادره من الشباب المتطلع لخدمة الوطن في شتى المجالات التنموية.
أما الشاعر عبدالرحمن الأبنودي -الذي كان قد أمر الرئيس بعلاجه على نفقة الدولة عندما أصيب بمرض خطير في الرئة- فقد انقلب على النظام وكتب قصيدة «الميدان» يوم جمعة الرحيل قائلا: كنت أتمنى أن أكون بين أول الموجودين بالتحرير. لم يحدث في حياتي أن تمنيت المشاركة في مظاهرة أو حدث كما أتمنى الآن. أنا في شيخوختي الآن أعيش أسعد أيامي، وهؤلاء الشباب أعطوني هدية لا تقدر بثمن. وقصيدتي «الميدان» نوع من رد الجميل الضئيل جدا لما أعطوه لنا فكريا ونفسيا وروحيا. القضية لن تنتهي برحيل مبارك أو استقالة جمال وصفوت الشريف وليس معنى التحقيق مع أربعة أو خمسة من المسؤولين السابقين أنك تنظف الطبقة من فسادها، فالفساد لا يخص بعض الوزراء، بل فساد النظام السياسي من أوله لآخره.
كذلك الموسيقار عمار الشريعي الذي كان قد لحن للرئيس مبارك أشهر أوبريت غنائي وهو «اخترناه» ينقلب عليه الآن قائلا «غيرت طريقه تفكيري بشأن شباب الفيس بوك حيث كنت أنظر لهم على أنهم مرفهون ولا يهتمون بالشأن العام لكنني الآن أصبحت أحترمهم وأريد أن أفعل لهم شيئا».
ولم يكتف الشريعي بذلك بل انضم إلى هؤلاء الشباب مناديا برحيل مبارك وقام بتلحين أغنيتين لهم، وقد اختار شباب التحرير عمار الشريعي ضمن لجنة الحكماء.
أما الفنانة منى زكي فقد انقلبت هي الأخرى على مبارك رغم أنها أيضاً كانت من أشد المدافعين عنه وقد التقت به مع مجموعة من الفنانين، كما أن الرئيس قد أعطاها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عن دورها في فيلم «أيام السادات»، ولكن ذلك كله لم يشفع لمبارك عندها حيث أعلنت أنها من المؤيدين لمظاهرات التحرير وأنها تطالب بالتغيير وكل المطالب التي تم تحقيقها ليست كافية وإنما لا بد من تعديل وتغيير الدستور المصري، ولذلك ستشارك في المظاهرات بشكل مستمر وستظل تشارك، كما أنها قامت بالمشاركة أيضا في اللجان الشعبية وفي حملات تنظيف الشوارع. كما أعلنت أنها لا تخشى من تأثير آرائها السياسية على أعمالها الفنية المقبلة في مصر، مؤكدة على أن عملها في مجال الفن رزق ولا يستطيع أحد التدخل فيه. ولم تكتف منى بذلك حيث اصطحبت زوجها الفنان أحمد حلمي لزيارة شباب التحرير لتؤكد لهم أن رأي حلمي مثل رأيها وهو المطالبة برحيل النظام الحاكم.
كذلك الفنان أحمد السقا انقلب على النظام هو الآخر رغم أن علاقته به كانت قوية جدا لدرجة أن جمال مبارك وشقيقه علاء شاركاه في عزاء والده المخرج صلاح السقا، وقد أعلن السقا في بداية المظاهرات رفضه لها مؤكداً أن الرئيس رجل مخلص ويحب وطنه وحافظ عليه أكثر من ثلاثين عاما ويكفي أن الشعب يعيش في أمان ولكن عندما أحس السقا أن دفة الأمور تسير لصالح شباب التحرير غيَّر رأيه وأعلن تأييده لهم وقال بالحرف الواحد في حوار مع عمرو أديب «شباب 25 يناير شمعة أضاءت لنا الطريق وجعلونا الآن واعين بالفساد الموجود في مصر. وأنا ذهبت لهم لكي أتحدث معهم ولكن للأسف لم أجد أي قيادات ولكنني التقيت بمجموعة من الشباب المتفاهم المهذب والمحترم وعبرت لهم عن إعجابي بهم وبموقفهم»، وطالب السقا بتكوين حزب من هؤلاء الشباب (شباب 25 يناير) يتكلم بالنيابة عنهم، مضيفا: إذا كان هناك أي تخوف من الحكومة فأنا مسؤول أمام الجميع أن أذهب للتحرير وأقدم الميثاق الخاص بهم للمسؤولين. وأكد أن التخريب الذي حدث يوم 25 يناير ناتج عن مجموعة من البلطجية أما شباب التحرير فأبرياء منه تماما.
أما الفنانة شريهان فقد اعتبرت أن ما يعيشه اليوم الشعب المصري من انتفاضة هو حلم كبير.. وقالت في اتصال هاتفي مع قناه «الجزيرة»: «سندفع دماً لنصل إلى الحلم الذي هو حلم كل شباب مصر.. دفعنا دماً وندفع الآن، وحان الوقت لنقول (كفاية) وأقسم بالله لو أن دمي غير مسرطن لنزلت وتبرّعت به لمصر».. وأضافت: أنا سعيدة لأنني استطعت طوال كل السنوات أن أكافح المرض لكى أعيش هذه اللحظة وأشاهد فيها إشراقة وانتفاضة الشعب المصري، وكيف خرج بقلب واحد رغم قطع الاتصالات عنه وحظر التجول حتى داخل بيوتنا. وقالت إنّها مستعدة مع كل الفنانين للوقوف مع شباب مصر ولن يكون الدعم بتقديم عمل فني أو قصيدة، بل «سنكون معهم بدمنا وفلوسنا وعيالنا». وأكّدت أنّها ترفض رؤية أي نقطة دم مصرية تنزل على أرض مصر، بل يجب أن تكون خارج مصر لتحرير الأراضي المحتلة. شريهان أكّدت أنّها لا تشعر بالخوف من الوضع الحالي وسعيدة وفخورة بما يحصل رغم حصول بعض الفوضى لكن مطمئنة لسيطرة الجيش، وأكدت أنّها مع الغلابة والفقراء.
أما الفنان حكيم، الذي كان يدافع عن النظام منذ عدة ساعات ويقول إن الرئيس مبارك زعيم وطني ولا يستحق كل ذلك ومصر لا تنسى الجميل، فقد انقلب عليه الآن قائلا أنا فخور بشباب التحرير لأنه فعل شيئا نحن لم نستطع فعله منذ 30 عاما وهذا ليس رأيي أنا فقط بل هو رأي الشعب المصري بأكمله وأنا كنت قد هاجمت شباب التحرير وأنا أعتذر الآن لأنني كنت منفعلا وقتها وخائفا على البلد.. أنا لست ضد التغيير أو تطهير الدولة من الفساد وما يحدث الآن في مصلحة الشعب ولا بد أن يذكر التاريخ هذه الثورة لأنها نقلت مصر إلى عصر جديد، وأن الشباب الذي ضحى بنفسه كان من أجل أن تعيش مصر.
جدير بالذكر أن نجوم تونس كانوا قد فعلوا الشيء نفسه عندما هرب الرئيس زين العابدين بن علي رغم أنهم كانوا قد وقعوا على وثيقة تأييد لإعادة انتخابه عام 2014 مثل هند صبري ولطفي بوشناق ولكنهم أكدوا أنهم اضطروا إلى التوقيع.. يبدو أن هذا هو حال الفنانين في كل دولة.