كانت هي :
توقف قلبي عن نبضه حين فقدت القلب الحنون الذي كان يهدهدني ..حين فقدت الحضن الدافيء الذي كان يطوقني .. وكلما تذكرت أن حفل زفافنا كان قبيل رحيله بيومين أبكي حتى تنتهي الدموع وتتحجر المآقي .. كرهت العالم حين اتشح في ذلك اليوم بالسواد ومات من أحب في حادثة سيارة وكانت آخر كلماته لي عبر الأثير :
أستودعكم الله
لم أذق للدنيا طعما بعده وأغلقت قلبي بقفل من حديد وبنيت حولي من أسوار الحزن العتيدة ما يصعب هدمه وبقيت وحيدة لا أرى في حياتى سوى اللون الأسود بعد أن كانت الدنيا ألوانا رسمناها سويا
حاولوا كثيرا أن يكسروا هذا الحاجز ويحطموا تلك الأسوار ولكن دون جدوى .. وما كان من أبي سوى أن أتى لي بورقة ألقاها على مكتبي الصغير منذ ثلاثة شهور تقريبا وتركنى بعد كلمات المواساة التي جف لسانه منها
لم أخسر شيء ولكن كيف ساواجه العالم بأحزاني .. هل ستنسيني هذه الورقة ما كان .. لعل جراحي لا تندمل إذا نزلت لشارع وتعاملت مع الناس , لعلهم يبادرون بالشفقة عليّ ولا يكفون عن مصمصة الشفاه بعد أن يعرفوا سر أحزاني
لا .. لن أخرج لهم .. دعوني بين دموعي لعلها تكون ملاذي بعد أن مات من كان يكفكفها .. لا .. لن أخرج لهم .. دعونى بين أوراقي وأقلامي .. في حجرتي .. أعيش بين بقايا ذكرياتي
يا حزن ..متى ترحل وتتركني .. إذا كنت سترحل وتنسيني ما كان فلا ترحل .. ولكن كيف لي أن أنسى حلمي المطعون .. كيف أنسى وقلبي أصبح نجما طريدا لا يجد له في السماء مكان ..كيف انسى وقلبي أصبح نبتة هزيلة في بيداء قاحلة تشتاق لقطرة ماء ؟!!
يا أيها القبر .. إن ضممته أنت بقايا انسان .. أحفظه أنا روحا ترفرف بين جوانحي .. نعم لقد صار في قلبي نهرا من الحب يسقيني وأسقيه .. سأظل أبكيه قلبا صديقا رفيقا حبيبا زوجا زمنا في أعماق أعماقي .. سأظل أبكيه كلا لن يفارقني ..
كلا لن يفارقني !!!!